السبت، 6 أغسطس 2011

سلف ودين قصة بقلم ناجى السنباطى



سلف ودين

استعد الرجل ، للذهاب الى عمله ، أيما استعداد ، فلما اطمأن على أناقته ، ركب عربته ، وانطلق الى عمله الخاص عمله الذى يحبه ويعمل على تنمية دائما ، حتى أصبح فى فترة قليلة من رجال الأعمال البارزين ، الجميع يخطب وده ، علاقاته ممتدة كأخطبوط كبير ، ادا دخل مقر العمل ، لا تسمع صوتا أيا كان ، حتى الهمس ممنوع ، الكل فى مقر الشركة ، فى عمل جاد ، لا مكان للعبث أو تضييع الوقت ، نظام صارم وضعه الرجل لادارة العمل ، فكان النجاح 0 نظام دقيق ، يطبق على الجميع بدون استثناء ، والتزم به الجميع ، جميع العاملين ، وكيف لا يلتزمون ، فالخروج على هذا النظام ، مصيره معروف ، هو الفصل من العمل ، فى الوقت الذى يلهث الآخرون ، من أجل عمل أٌقل قيمة ، مادية ومعنوية ، ولا يجدون الا السراب 0
لهذا نجح فى عمله لشخصيته الصارمة ، الجادة ، القاسية ، فى نظر الناس ، وانطبعت صورته فى أذهان الآخرين ، رجل قاسى ، متعجرف ، مغرور ، لا تعرف الرحمة طريقها الى نفسه ولا تعرف نفسه ، طريقا غير طريقها الذى رسمه وزاد فى ايهام الناس به 0
حتى جاء يوم من الأيام ، وقد انتهى من عمله ، وهم بركوب سيارته ، والجميع حوله فى احترام شديد ، انتظار الرحيله ، فادا بشاب يأتى مسرعا ، وينقض عليه ضربا ولكما، حتى أشبعه ، والجميع يتصايحون على الشاب ، يا هذا عيب عليك ما تفعله ، أتضرب رجلا فى سن والدك ؟ الا تعرف من هو ؟ كيف تفعل ذلك ؟ أنه السيد المهاب ، أنه يقود الألاف من العاملين ولا يستطيع أحد منهم ، أن ينبس ، فما حالك وأنت تكيل له الضربات ، توقف أيها الساذج ، عن فعل هذا ، لا تضيع نفسك 0 الجميع يتصايح على الشاب ، وهو متمسك بعنق الرجل لا يفلته ، الجميع انهال ضربا على الشاب ، وهو متمسك بعنق الرجل ، ولم يفلته ، حتى انهارت قواه ، فتراخت يداه عن عنق الرجل ، و ارتمى الرجل الصارم على الأرض ، يتألم من عنقه ، وهم الناس بالفتك بالشاب ، فقال لهم الرجل ، اتركوه انه ابنى ، اتركوه ، فقد فعلت هذا مع أبى وأنا فى نفس سنه ، وفى نفس الموقف

أصول الطابور قصة بقلم ناجى السنباطى


أصول الطابور قصة بقلم ناجى  السنباطى

بفلم :ناجى عبدالسلام السنباطى
كافحت كثيرا ، حتي وصلت إلي أول الطابور ،إعتقدت أن الدور قد جاء علي ، لكي آخذ حقي كنت أحاول الحصول علي بعض السلع طبقا لكل حصته، كان الجهد شاقا بذلته من عرقي ومن جهدي ، فالطابور مزدحم وفيه نرفزة وعكننة وشجار متواصل، ولكنني تشبثت به ، حتي وصلت إلي أوله ولكن ما إن دفعت البون إلي صاحب الدكان حتي فوجئت برجل ضخم الجثة يزجرني ، بنظرة نارية ...إلي الخلف يا ولد أفسح مجالا للكبار أفسح مجالا لسيدات المجتمع أفسح مجالا لأبناءالعاملين ودفعني إلي الخلف ، وأخر دفعني إلي الآخر حتي وصلت مرة أخري إلي آخرالطابور كنت مغتاظا ولكنني كظمت غيظي وقلت الصبر جميل ورد آخر بحواري كان أمامي تماما في المشمش لم أفهم عبارته قال باسما في المشمش إن كنت تصل قلت له العملية ليست وصول العملية حق وحق أكيد ، فضحكت سيدة جميلة ، ترتدي فستانا أجمل وملاءة نصف ملفوفة وقالت يا أستاذ أنت من هنا أم من هناك قلت لها وما الفرق قالت لو كنت من هنا لفهمت أصول الطابور فهو طابور علي الأرض طويل ومكدس ولكنه يتغير بسرعة البرق ولا تدري من فى أول الطابور ومن في آخره ، ولو كنت من هناك فعليك أن تفهم أصول الطابور أيضا ، في كل الأحوال عليك أن تفهم طابورنا قلت لها منكم نتعلم وإنتقلت إلي طابور الأدوات المكتبية ، من الأقلام والأوراق حتى لا أعطل نفسي ، ووجدتني أيضا ، أدفع من الصف الأمامي إلي الخلفي بعد مشاجرة عنيفة ، لطخت ثيابنا بالأحبار الخضراء والحمراء والزرقاء والسوداء وهمس لي عجوز يا أستاذ أنت من هنا ام هناك !! فقلت له من هناك ، فقال عليك أن تفهم هنا فقلت له وإذا كنت من هنا رد قائلا إذن لماذا لا تفهم ؟! وبينما أنا علي هذا الحال فوجئت بطوابير أخري ، من هنا ومن هنا وكلهم قد تشبس بسلعه وأقلامه وأوراقه وحبره ونظرت إلي الطوابير ، فوجدتها كما هى أشد تكدسا وشجارا وعراكا بينما الطوابير التي تظهر فجأة وتختفي فجأة تسير في سهولة وفي ليونة وفى سيولة، ورجال أنيقون ونساء جميلات في ثياب جميلة مزركشة وفي مكياج أشد إقناعا فحاولت أن أندس بينهم فصرخوا جميعا إذهب إلي الطابور فقلت ساخرا وما ذا يسمي هذا قالوا أنت من هنا أم هناك قلت لهم باسما أنا من بلاد بين هنا وهناك وقفلت راجعا إلي بيتي ومن يومها وأنا أكره الطابور






صاحبة القصر العالى قصة بقلم ناجى السنباطى


               




                     صاحبة القصر العالى
قصة بقلم:
                      ناجى عبد السلام السنباطى
*****إمتصت كل الدنيا رحيق أزهاره،ولم تمنحه شيئا من عطورها،فتقوقع على نفسه،فلا فائدة ترجى ولاأمل يبشربخير،ولما أراد ت أن تمنحه بعض من نفسها،حددت الكثير من الشروط ومن الضوابط ومن القيود،لم يفهم معنى  لكل  هذه الضوابط ولكل هذه المعايير...لكن الأنثى فى هذه الدنيا والدنيا فى هذه الأنثى،عالم زاخر بكل شىء،غريب وعجيب وممتد إلى بحور اللامنتهى.. ورغم  كل هذا الجو المشحون بالشروط والقيود ،عرفته فلما عرفته،عرفت فيه خيال الفنان وخيال الأحلام وبعض من أحلامها وجموح عاطفتها ومساحة من قلبها الكبير.
كان لقاء فى بحر الحياة،بدأ بالعلم وبالمعرفة وبالثقافة وبالشعر وبالصحافة...قالت فيه... رأيها فى كل شىء وعن كل شىء..لكنها أبدا لم تتحدث عن العواطف وعن مكنون قلبها وعن إعجابها المتراكم والمتحول إلى العتبة الأولى من بحر الحب..لكن الواقع أنها تحدثت عنها بطرق مختلفة..طرق طويلة..طرق غير مأهولة..يتوه من يدخل فيها كتوهان المتاهة...حيل الأنثى!!!ولكنهافى كل الأحوال ،تطرق الأبواب الموصدة والقلوب المغلقة،وتدق على الأوتار،وتعزف أحلىالألحان،لمن يفهم ولمن يتذوق..
قالت  ذات مرة،فتحت فيها ينبوع المحبة بإعتدال،ماأحلى شعرك،إن فيه من خيال الفنان وجموحه،كأنك بحارسعيد بإبحاره فوق مركب فى بحر بلا شطﺁن،لايحده الموج العاتى،أن يستمر فى إبحاره،ولايحبطه رؤية الشط البعيد لأن الإبحار فى حد ذاته هدفه ومقصده،وأضافت ليس هذا فقط،بل أن شعرك...شعر فارس مرق بحصانه الساحر والمسحور بين السحاب،لايهزه ريح ولايخشى فى تجواله ماقد يصيبه أو يؤلمه ثم قالت ياشاعر ..شعرك من أى ينبوع عميق يأتى ..ماءه زلال لذة للشاربين نشرب منه فنطلب المزيد فلاإكتفينا ولانضب الينبوع !!
إكتفى صاحبنا يومها بالشكر..مجرد معجبة بالشعر ليس إلا..وإلتف مرة أخرى حول نفسه..لايعرف ماذا يفعل؟! فلم يمش فى طريق الحب من قبل ،ولم يعزف لحنا للمحبوبة تحت شباكها من قبل ،ولم يكن قيس ليلى أو عنترة لبنى أو روميو جوليت أو كان عمر بن أبى ربيعة عاشق العذارى فى بيئة الصحارى..ولم يملك من هؤلاءإلا بعض من الشعر وبعض من الأدب...
كان لقاء ضمن لقاءات عديدة،ورغم تعدد اللقاءات وعمق محتواها..عقول تفكر وتتحاور فى كل معانى الحياة وتعقيداتها..إلا أن الحب الذى تناولوه كثيرا،لم تصل رسالته وحتى لو وصلت،وصلت مشوشةلامعنى لها ولافهم لها،ذلك أن الإتصال غير واضح وغير ظاهر وغير مفهوم عوضا عن  غموض رسالته..
لم تتلون الخدود من حمرتها كالورود ولم ينعكس نبض القلوب الدافئة بالحب فوق الوجوه.
هكذا كانت قصة الحب الذى لم يولد،وقد كاد أن يكتمل جنينه.لقد إختزنا المحبان،كل العواطف ،كانت القلوب تمور وتفور بجيشان المحبة،ولكنها متعمقة فى الوجان،ولم تظهر أبدا فوق سطح الحياة،فقد كانت العواطف فى ضوء القيود والشروط،عواطف مصلوبة،موثقة بلا مساحة للحركة،عواطف مقيدة بأسوار عالية ،أسوار وجدت وتصلبت ونمت وإتسعت بخجم غابة كثيفة لايمكن إجتيازها..ويجزم الجميع أنها بفعل فاعل..حوائط من وهم فى عقول رجال القبيلة،تكلست صلبا لايتفتت..واقع يحب ويعيش الخيال وواقع يمنع ويكره..واقع يحب.. مر من هنا ومر من هناك ..لم يتولد بين يوم وليلة وإنما أتى بطيئا لكنه قوى..عنيف لكنه عنف الوداعة حينما تثور..حينما أتى وان له أن يشرئب من خلف الأسوار،ليطل على دنيا الحرية،وليعلن عن رفضه للقيود وللشروط وللتعهدات..كان كل شىء قد نما وإستطال وإتسع ثم تصلب..صلبان فوق صلبان وحواجز فوق الحواجز........جواءط عالية سميكة الجدران...خنادق عميقة خلف الجدران..
كان كل هذا قدر المحبين وقدر المعجبين وقدر الرؤيةالأولى وقدر الرؤية الأخيرة..كانت فى الحسبان حينما كان لاحب وكانت فى الحسبان حينما تولد الإعجاب وكانت فى الحسبان حينما تراكم !!وكانت يقينا حينما تولد الحب...إنها الأسوار  العالية...قيد الحديدالذى يزين عنق وأرجل وجسد...صاحبة القصر العالى!!!!!!!!!!

متجاوز ياسيدى قصة بقلم ناجى السنباطى


متجاوز ياسيدى قصة بقلم ناجى السنباطى

متجاوز يا سيدي
أو ( الإذن بالعبور (
بقلم / ناجي عبد السلام السنباطي
*
قال الرجل وهو ينفخ دخان غليونه في وجهي ، إبعد يا هذا ، إبعد عن هذا المكان ، قلت له أريد أن أمر عبر هذا الطريق 00 رد قائلا00 هل أخذت الإذن من السيد ؟ قلت له ومن هو السيد ؟!! من يكون ؟!! ثم ترددت قليلا وأردفت 00تقصد السيد علواني ؟!! إبتسم وقال 00يظهر عليك 00إنك فلاح ساذج 00السيد علواني 00مرة واحدة !! يبدو أنك رجل حالم ، إنك لن تستطيع أن تتصل به أو تصل إليه 0
ألححت في السؤال 00تضايق مني 00رفع عقيرته بالصياح ، ثم فتح فمه علي أقصي إتساع حتي بدا كأنه نفق عميق مظلم 00حاولت أن أهدئ من تشنجه ، رفض وتشنج أكثر ، حضر مساعده ، بناء علي صراخه ، قال ماذا تريد يا هذا ؟!
أقلقت منامي ، قلت وهل هذا وقت النوم ؟! رد قائلا وما شأنك أنت خلصنا ماذا تريد ؟! أو إذهب بعيدا عنا فإنك علي ما يبدو رجل وقح ثرثار ،
لا داعي لألم الجدال ، المكان مكاننا والأرض أرضنا ، ولا يحق لك العبور 00 إذا قدرت علي العبور إعبر ، وإنطلق ضاحكا في سخرية ثم نادي ياهذا ؟ عليك بالسيد وسطاني 00 ولماذا قالوا لي السيد علواني ؟! قال وهو " قرفان " من قال لك 0 قالوا لك في الأحلام ؟! يا رجل إستيقظ !! قلت له لم أكن نائما أبدا ، رد قائلا من أجل هذا تتكلم وكأنك نائم ! لأنك لم تأخذ حقك من النوم 00 أين كنت عندما أتينا وفرضنا سيطرتنا علي كل شئ 00 أكمل نومك 00 النوم راحة للجميع 00 قلت له الحق 00الحق 00لم آخذ شيئا من الحق 00 رد النوم يحل كل المشاكل ويحقق كل الأحلام 00يا رجل تكلم في الجد 00قال أنت لا تريد 00قلت لك عليك بالسيد وسطاني
وأنت لا تريد أن تتحرك 00إذا أردت العبور ، عليك به ، رددت ولم إذن جئت 00سنوات وأنا أصبر وأصطبر من أجل العبور العظيم 00سنوات وأنا أكظم غيظي ، سنوات وأنا أستعد لهذا اليوم 0
إذن هو مرادك 00هو بعينه 00وسطاني بك 00وأين أجده 00أشار بيده 00هناك علي شاطئ المياه 00هناك علي الشاطئ 00شاطئ البحر ؟! ردد ت مذهولا 00الشاطئ طويل كما تري 00
مكتظا بالجالسين والنائمين والمسترخيين واللاعبين في مياهه وعلي شاطئه والمتحدثين واللاعبين والمداعبين والسكاري وما هم بسكاري علي إمتداد البر .
لا تجادل يا رجل إذهب ولا تيأس إسأل عنه 00 حارس البحر 00 هذا الذي يجلس فوق الصاري في الأعالي ؟ نعم هو بعينه00 شكرت المساعد الفظ في كلامه وفي حواره وحملت أمتعتي ومعداتي والسيد فارس الطريق 00 الخشن الطباع 00 يرطم بكلمات مبهمة 00 عرفت منها 00فلاح ساذج 00مثله مثل غيره 00 كلهم يريدون العبور 00 ولكنهم لا يملكون القدرة علي فعل ذلك 00 كلهم يريدون العبور ولكنهم لم يستعدوا له 00 كلهم يريدون العبور ولكنهم لا يفهمون الأصول 00 لا يعرفون الحياة وتجاربها ودهاليزها ولا يعرفون المستويات والمراكز وأصول البروتوكول والإتيكيت وطرق الاتصال وكيفية الاتصال وطرق الرعاية والحماية ورجالاتها ،مرة واحدة يريد علوني باشا !!0
******************
)
بلعت ) كلماته المقذوفة كطلقات رشاش آلي،وكظمت داخلى غيظي المكظوم طوال السنين، أنني أريد أن أحصل علي حقي وأعبر الطريق 00حيث أرضي ومالي 00والطريق طريقى وطريق أهلي وناسي 00والأرض أرضي وأرض أهلي وناسي 00 ومسافة الطريق ست درجات 00 لو حصلت علي الإذن لعبرت بسرعة 00كل شئ يهون مقابل ذلك 00سأعبره يعني سأعبره 00سأعبره وسيعبره مثلي الآلاف بل الملايين 00فهو حقهم مثلما هو حقي 00 سنعبره رغم كل العوائق ورغم كل اللوائح العقيمة ورغم كل التلوث علي الطريق وعلي الشاطئ وعلي المنطقة وعلي البشر وعلي الوجود وداخل البشر وداخل وخارج الأشياء 00لابد أن آخذ الإذن بالعبور وأن أرد حقي الضائع وحق الآخرين 00 لا خوف بعد اليوم 00لا خوف لي أو لأمثالي من طلب الإذن بالعبور 00سنوات من القهر ومن المذلة ومن الهوان 00لذا قررت الاستمرار في المهمة 0
مشيت أبحث عن " وسطاني بك " سالت المارة عن " حارس البحر " سألت الجميع من اللاعبين والسابحين والسائحين والجالسين والجالسات بملابس البحر أو بملابس الخروج 00 تحت المظلات أو تحت أشعة الشمس من يتفرجون علي الآخرين ومن يتفرج عليهم من الآخرين 00 سألتهم دون جدوي 00 الكل لاه بما هو فيه 00ليست هناك إشارات أو دلائل تنير الطريق 00حتي القادمين من البحر 00 عادوا وهم ضاحكون ، والذاهبين اليه هرعوا وهم يضحكون ولا تدري عن هؤلاء أو هؤلاء لماذا يضحكون وما هي أسباب ضحكهم ؟ وكأن بالبر ما يضحكهم و كأن بالبحر ما يضحكهم 00 أو كأنني المضحك والضحاك ولا أدري العيب في 00أم أنهم في حالة تبلد أو حالة هستيرية أو حالة لامبالاة ففي كل الأحوال 00الضحك مستمر 00 تعجبت منهم ولهم 00لكل هذا قلت لنفسي 00لم التعجب!! كل في شأنه دعهم يضحكون سواء أكان من أنفسهم أو علي أنفسهم أو مني أو علي نفسي ،المهمة ثقيلة فلا أشغل نفسي بتوافه الأمور وقد تكون من عظائم الأمور، إذا كان الضحك تنفيس عما بداخلهم من مرارة وقد يكون إنتظارا للعبور.. منذ زمن طويل يشغلهم 00فيلهون علي الشاطئ وفي المياه يلهون بأنفسهم 00
***********************

*
سرت والحمل ثقيل علي ظهري 00وعلي وجهي وعلي كياني 00الجو حار 00قابلني البحارة 00سألتهم واحدا واحدا 00قابلني المشاة 00سألتهم واحدا واحدا ، قابلني مطيروا الطائرات صغار وكبار سألتهم واحدا واحدا 00الكل لايعرف أو يبتسم في دهشة أو يسخر من سؤالي 00إلا رجل عجوز أشار إلي صاري كبير 00قال هناك يجلس "الحارس " في البرج العالي 00 ذهبت إليه في خطوات متثاقله من كثرة الجهد ومن وفرة التعب 00 خطوة أغوص بها فى الرمال وخطوة أنزعها من الرمال 00 وعرق يسيل مني كأمطار نوة شتوية عنيفة رغم أننا علي أعتاب الخريف 00ودم يسيل من قدميي من بعض أحجار ومن بعض زلط مخلوطين بالرمال 00ولكنه الهدف ومن أجله أفعل المستحيل 00 فلما وصلت تحت البرج 00 ناديت عليه 00لكنه في الأعالي 00لم يسمعني ! أو تعمد أن لا يسمعني ! أو حواجز الشاطئ وسواتره الشديدة أو أن أصوات البشر أو أن أصوات الأمواج ، كل هذا منع السماع أو كلها مجتمعة منعت عنه السماع 00 فصرخت 00 صرخت صرخة هائلة 00يا أيها الجالس في الأعالي ؟! هل تسمعني ؟! لم يرد !! إزداد صراخي وعلا إلي أقصي طبقة صوتية لدي 0 هل تسمعني أيها الحارس ؟! وإن كنت تسمعني 00إلي متي الانتظار 00 الكل يريد العبور 00 فمتي تأذن ؟!
***************
صمت الشاطئ ، بكل ما عليه من البشر وبكل ما يواجهه من أمواج وبكل حواجزه وبكل سواتره 00حيث تصد الرياح بقسوة 00 صمت الجميع 00 وناديت مرة أخري 00 هل تسمعني ؟! لم يرد !! كررت النداء ولا إجابة لسؤالي 00 وعاد الشاطئ إلي طبعه وإلي طبيعته، وعادت الأمواج إلي هديرها وعادت الرياح بصفيرها وغبارها 00 تلاعب الحواجز والسواتر ويلاعبونها وتلاعب وجوه البشر بلا هوادة والكل في ضوضاء وصخب ما بعده صخب 0
********************
كدت أكر راجعا يائسا محبطا 00 كل العيون تحيطني كأنها الحراب 00 كل الشفاة تسخر بلا مواربة 00 كل الرمال المتطايرة بفعل الرياح ، تعطب عينيي 00 كل حجارة الأرض وزلطها وزفتها تزيد من جروحي وكم هي أعمق وأشد فتكا من جروح البدن ، لولا الأمل يخرج من قلب اليأس ولولا الإرادة والعزيمة ولولا التحدي 00
لابد من تحقيق الهدف 00العبور 00العبور00عبور عام 00عبور داخلي 00عبور خارجي 00عبور من التوهان من النسيان من اللامبالاة من اليأس إلي اليقين إلي التذكر إلي المبالاة 00وأكملت مشواري 00حيث يجب أن يصل وحيث يجب أن يكون ، وهناك علي البعد 00وجدت "حبلا " 00 أسرعت إليه رغم هذا الحمل الثقيل ورغم هذا الحزن الدفين ورغم كل هذا الهول وكل هذه الصعاب 00أمسكت الحبل 00شدته 00كانت بدايته عندي ونهايته عنده 00شعر بإهتزاز الحبل 00فأحس بي 00 رد علي ..جاء صوته ضعيفا 00 فإزددت قربا وإزداد صوته قوة ووضوحا 00هل هذا وقته "؟! جاءنى صوته 00 رددت بقوة وبشجاعة وبحزم أريد أن أعبر 00لست وحدي... الملايين في القرى وفي العزب وفي النجوع وفي الكفور وفي المدن وفي الحضر وفي الريف وفي الصحاري وفي الفيافي وفي البحار وفي اليابسة 00يريدون مثلي 00يريدون العبور 00كرر العبارة 00وهل هذا وقته ؟! قلت منفعلا 00عشر سنوات ضائعة ، قد تزيد أو تقل 00أكلوا خمسا سابقات 00قد تزيد أو تقل 00أكثر جوعا من هذه السنوات 00 تعطل فيها كل شئ وتوقف فيها كل شئ 00وليس لدي وليس لدي الناس 00إلا هاجس العبور 00كرر العبارة 00وهل هذا وقته ؟ قلت وأنا أكثر انفعالا 00 وقت من إذن ؟ وقت العقارب أم وقت الثعابين والأفاعي 00وقت المتسلقين أم وقت المنتفعين !! لا أدري وقت من الآن ؟! المجاهدون المقاتلون البناءون في كل مكان ينتظرون العبور حتي هؤلاء علي امتداد الشاطئ 00يريدونه 00وإن تصرفوا وكأنهم عابثون!!
******************
يا سيدي 00متي يكون وقته ؟ أسئلة نطرحها وأجوبة تشنقها 00جاء صوته بعيدا رغم القرب مني 00فقد زادت ضوضاء الشاطئ وإزداد صخب الأمواج وإرتفع صوت إرتطام الرياح بالحواجز والسواتر 00 لم أسمعه ولم يسمعني 0الموانع كثيرة بلا مبرر وبلا سبب 00أو غير واضحة السبب والمبرر 00إلا أنها موانع وكفي 00لكنه علي ما يبدو قد رأف بحالي وقد شاهد ما أحمله من عتاد ومن أمتعة ثقيلة فأراد أن يدلني علي الهدف وأشار إلي آخر الشاطئ 00فهمت إشارته 00شكرته بإشارة أيضا ، لغة الحديث في هذا الجو العاصف المريب 00وحملت أثقالي مرة أخري ، وقد تمرست علي السير بها ، ومشيت أتوسل الخطوات ، في رمل ملتهب إذا ما سكن وقذائف نارية إذا ما أثارته الرياح وقذائف دموية ، تدمي جسدي ،إذا ما أخرج أحجاره ، وأمواج بحر تزيد من الغليان ثم تهدأ وبشر لا يعبئون بكل هذا بعدأن صدموا من قبل فكانت الصدمة قوية ، ولم يعد يثيرهم غيرما هم فيه الآن ، لا يثيرهم إلا ضحك أبله ولهو أجوف .
*****************
رجلاى الآن 00 تغوصان 00 وأحاول أن أخلعهما خلعا 00 أوواحدة وراء الأخري 00وعرق مدرار 00ملحه يتلألأ علي وجهي 00 وتحملت حتي وصلت إليه 00هناك حيث آخر قطعة علي الشاطئ "00كشك مصنوع من الخوص والأكياب" 00ومموه تمويها جيدا 00بحيث لا تحسبه ضمن الأكشاك الموضوعة 00ولا تكاد تري من فيه من أي إتجاه 00لولا إشارة الحارس الكبير لي ولولا دقة الوصف ودقة الوصول 00كأنه لا يريد أن يعلن عن نفسه 00 وعندما إقتربت أكثر 00وجدت رجلا جالسا تحت المظلة (الكوخ ) والحبل كما قلت ممتد من البحر إلي الكوخ أومن الكوخ إلي البحر ليستقر في يديه 00 وصاحبه في حالة ترقب وفي حالة مراقبة ولكن بصبر وأناة 00تقدمت إليه بالسلام 00لم يرد أيضا 00كررت السلام 00 لم يرد 00أشار بيده00أذن لي بالجلوس 00إشارة ليس 00إلا 00ثم عاد إلي ما يشغله 00كله ترقب كله مراقبة 00كله تركيز 00في صيده !! جلست 00 غمزت ( السنارة )00 شدها من حبلها 00 ظهرت سمكة 00 متوسطة الحجم 00اإبتسم إبتسامة خفيفة 00 شدها أكثر وصلت إلي يده 00 فتح سلة صغيرة 00 وضعها بها ، وأراد أن يطعم السنارة لصيد جديد 00 ناديته 00سألته 00 توسلت إليه 00سيدي أريد العبور 00توقف عن عمله 00إلتفت إلى...متسائلا ماذا تريد ؟ قلت عبور الطريق 00 وغيري كثيرون 00 رد وماذا يمنعك 00 الطريق أربع درجات !! إقفزها قفزة واحدة00 قلت له ست درجات !! هل نسيت الدرجتين المسقطتين بفعل فاعل وبفعل عابث 0!!0 قال كلها مسافة قليلة 00أربع أم ست 00 قلت لا 00 وإلا كنت عبرتها وحدي 00 كلها بعمر الزمان 00كلها نار ملتهبة 00والحراس يحيطون بها من كل جانب ومن كل جنس ومن كل شكل ومن كل لون 00 حراس لا يسمحون إلا لأتباعهم ولمن يريدون ولمن يخون00 فأوصلني إليك حارس إلي آخر إلي آخر 00 قالوا السيد وسطاني وكنت أعتقد السيد علواني 00 هو الذي يوافق 00 لكن الحاشية 00 قالوا علواني باشا صعب المنال 00 السيد وسطاني هو الكل في الكل 00 سعادتكم !! سألت عنك الجميع 00 لم يعرفك أحد 00أو عرفوك وأنكروا 00 خوف الخوف أو خوف المسئولية00 لكن حارس البحر ، أشار إليك 00 حيث جئت 00 رد وماذا أستطيع أن أفعل لك ؟! قلت الاذن بالعبور فكما تري العتاد ثقيل والأجهزة ثقيلة والأمتعة أثقل من كل هذا ، والحقائب عديدة ، قال إذهب إلي الطريق 00 وحاول العبور ، قلت00 الحراس يمنعون ، يرفضون ، يسخرون ، رد بهدوء عجيب ، وبإبتسامة حانية ، وإن لم ينشغل عن تجهيز سنارته 00 وماذا يفعل السيد علواني ؟! رددت يا سيدي يقولون أنت المانح وأنت المانع 00 أنت السيد المهاب 00 قال من أبلغك 00 وصلني ما بلغت بل يزيدون في القول ، أنني أيضا لا أتجاوز!! ، يقولون رجل الظل أنا ، أنعم بالظل الظليل ، وبهذا أضمن نفسي ، وهكذا ، من تقلبات الأحوال 00 تماما يا سيدي هذا ما سمعته عنك 00 صمت قليلا ونظر إلي بعمق 00 ثم خرجت كلماته 00 ما رأيك أنت ؟! قلت حقي وحقهم بل حقك أيضا هو الذي أوصلني إلي كل هذه المتاهة ، وهو أيضا الذي أوصلني إليك ، إزدادت ابتسامته 00 هل أصدقك القول يا بني 00 إنني أنتظر مثلك العبور00 وأصبر وأصطبر00 مثلك 00 وأعاني مثلما تعاني 00 وأشغل نفسي بالصيد 00لأنه يعلم الصبر 00 والوقت المحدد في توقيت محدد ليس بيدي 00 قلت له هل تسمح لي ياسيدي ، أن أجلس معك وبجانبك 00 أصيد السمك 0!!0 إبتسم وأفسح لي مكانا وسلمني سنارة 00 منتظرين الإذن بالعبور 00 لم نتجاوز ونحن أولي بالتجاوز 00 لأنه حق أصيل 00
*********************
مرت الأيام والليالي ونحن علي هذا الحال 00 ننعزل عن العالم المحيط بنا ، رغم قرب العالم منا ، من مذياع ومن تليفون 00 ومن وسيلة إتصال حديثه00 وننشغل بالصيد ونتسابق علي من يحصل علي أكبر كمية من السمك المختلف الأشكال والألوان والأحجام 00 وفي يوم من هذه الأيام ، لم يختلف عن سابقيه من الأيام ، جاءتنا البشارة 00 كانت الساعة الثانية بعد الظهر وحارس البحر يحملها ويطير بها علي أجنحة السرعة 00 ويسلمها لرفيقي الصابر أكثر مني 00 العاشق أكثر مني 00
قال الحارس جاءنا الإذن بالعبور يا سيدي 00قام الرجل فصلي لله صلاة الشكر 00 وتحول إلي شاب أكثر مني في حركته 00 فجهز عتاده وإنطلق مسرعا 00 وهو يناديني هيا معي 00 هيا يا بني 00 لنوقظ الكسالي 00 والنائمين والعابثين 00سرنا في طريق العودة 00 والجموع تتبعنا 00 كل من علي الشاطئ جاء 00 وهو غير ما هو 00 إستعداد وإنضباط وقوة وحيوية 00 أين الضحك والضحاكون 00 أين الضحك والضحاكون 00 أين اللامبالاة 00 أين اللهو واللعب 00 تحول غريب وعجيب.


*****************
علي البعد 00 جاءنا المدد 00 آلاف من البشر في موجات متلاحقة 00 تقدمنا جميعا نحو الطريق وإليه 00 لم نخف ولم نقف ولم نجبن ولم ترتعش لنا قدم أو تهتز لنا يد 000 نحو الطريق وإليه ، سعيا نحو العبور 00قاومنا الحراس الأعداء المرتزقة 00 وبكل ما لديهم من قوة وبكل ما لديهم من سطوة 00 ولكنهم أبدا لم يقدروا علي هذه الجموع الحاشدة 00 هذه الجموع الحاشدة 00 هذه الجموع المندفعة كالشلال 00 تعبر الطريق وتطيح بكل ما يقابلها من حثالاته ومن عفنه 00 لتصل إلي بره الثاني 00 هذه الجموع لم تكن في يوم من الأيام متجاوزة 00ولكنها اليوم تتجاوز كل شئ 00لأنه يومها 00 الذي سعت إليه منذ أمد طويل 00 إستعداد وتدريب وتهيئة وتجهيز 00 وعلي رأس هذه الجموع رفيق دربي ومصدر حكمتي يقول لى00 ألم أقل لك أن الصبر 00 مفتاح الفرج وأضاف وقد آن الأوان 00وأتي الوقت الذي كنت تنشده 00 وها هو يومك ويوم الملايين الحالمين مثلك بالعبور 00 فإفعل ما شئت وتجاوز ما شئت 00 فاليوم يوم التجاوز ويوم الغفران 00
إنتهت
_____________________________